تحتضن مدينة طنجة مرفقا من أهم المرافق الدالة على التعايش الثقافي والتسامح الديني، الذي اشتهرت به المدينة على مر تاريخها الحضاري العريق، والمتمثلة في المقبرة الدولية المتواجدة بمنطقة بوبانة، والممتدة على مساحة أربع هكتارات، حيث تم إحداثها سنة 1916، و توجد في ملكية جماعة طنجة، وتقوم بتدبيرها مصالح مقاطعة طنجة المدينة.
وحظيت هذه المقبرة بعناية و اهتمام خاص من طرف المكتب المسير الحالي للمقاطعة، حيث تم تهيئتها وصيانة أسوارها وأبوابها و فضاءاتها الداخلية من خلال توسيع و تعزيز الممرات الداخلية وتنظيفها وتنقيتها من الأعشاب الضارة، وكذا ترميم وإصلاح عدد من القبور، وتعزيزها بالإنارة والحراسة، كما تم تنظيم وحفظ الأرشيف المتعلق بها، وإحداث وتجهيز مكتب إداري خاص بتدبير شؤونها.
وتضم المقبرة رفاة الأجانب من جنسيات مختلفة الذين أقاموا بمدينة طنجة خلال فترة الحماية و مرحلة طنجة الدولية، وخلال مرحلة الاستقلال وصولا إلى الفترة الراهنة، حيث لا زالت المقبرة تستقبل رفاة الموتى من الأجانب.
و تضم المقبرة عدد من الشخصيات المعروفة و المرموقة التي عاشت في مدينة طنجة والتي كان لها عطاءات في مجالات مهنية و وظيفية مختلفة، اجتماعيا وثقافيا و طبيا…
كما تضم المقبرة نصبا تذكاريا لثلاث لشخصيات من دكاترة البحرية الفرنسية
ماتوا غرقا قبالة شواطئ مدينة طنجة سنة 1919 أثناء رحلة قدومهم إلى المغرب لتقديم المساعدة الطبية للسكان، نتيجة انتشار الأمراض والأوبئة في فترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث ما زال يقام احتفال رمزي كل سنة من طرف مسؤولي السفارة الفرنسية إحياء لذكراهم.
نظرا لما تمثله المقبرة الدولية من رمزية تاريخية دالة على روح التعايش الثقافي والحضاري والتسامح الديني التي تميزت به مدينة طنجة طيلة مراحلها المتعاقبة، والتي استمدت من خلالها إشعاعها العالمي و الدولي، فإن مقاطعة طنجة المدينة أعطتها الأولوية ضمن برامجها التدبيرية لإعادة الإعتبار إليها ولترقى لمستوى الأهمية التي تحظى بها.